12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

الموضوعات الدينية المتنوعة >> ما رأيت إلا جميلاً"

Facebook Twitter WhatsApp Pinterest Google+ Addthis

ما رأيت إلا جميلاً"


بعد ملحمة كربلاء، وبعد كل ما استحضرته السيدة زينب (عليها السلام) من مأساة، من قتل أخيها سيد الشهداء وأهل بيته، وبعد كل ما ذاقته من ألم ولوعة حين سبيها، ما نطقت (عليها السلام) إلا بـ: "ما رأيت إلا جميلاً".

فكيف ذلك، وزينب بنت أمير المؤمنين (عليها السلام) لم ترى إلا الرؤوس المقطعة، والصدور المرضونة، والنساء السبايا...

لماذا وصفت كل هذا الأسى بالجمال.

إنّ من أخطاء الكثيرين في حكمهم على الأشياء أنهم ينظرون إليها بنفسها، لا إليها ضمن لوحتها، فيخطئون بالنظرة، كحال الناظر إلى نقطة سوداء ضيق نظرته في دائرتها فقط، فأصبح لا يرى إلا سواداً، فيحكم بقبح المنظر، في حين أنه لو وسّع نظرته، وشاهدها في لوحة وجودها، فلعله يراها "خالاً" على وجهٍ مليح تزيده جمالاً.

انطلاقاً من مبدأ تقييم صحة النظرة إلى الأشياء سنطلّ على البلاء، لنفهم سر نظرة زينب (عليها السلام) التي ما رأت إلا جمالاً....

للبلاء عناوين جمّة كالفقر، والمرض، والموت، وغيرها. وحين نسمعها نستحضر معها سلبياتها من المرارة والحزن والألم وغير ذلك.

إلا أنّ للبلاء إيجابيات، جعلتها زينب (عليها السلام) عناويناً لها في كربلاء، فغدت المرأة العظيمة التي تقتدي بها كل النساء. ومن إيجابياته:

1. بناء الشخصية القوية للإنسان: وهذا ما يظهر جلياً من خلال دراسة الأشخاص المتفوقين، فالشخصية الفذة للعالِم الناجح لا تصبح كذلك إلا بدراسة مضنية، امتزجت فيها المصاعب والمعاناة. وأمير المؤمنين يشير إلى هذه الحقيقة في قوله: "ألا وإنّ الشجرة البرِّيَّة أصلب عوداً، والروائع الخضرة أرق جلوداً".

2. تصويب المسار: فالبلاء يساعد في تصويب مسار الإنسان، في حياته، وقد يوقظه من غفلته. يقول الله في محكم كتابه: وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ (سورة فصلت 51).

3. تعويض الآخرة: إنّ البلاء يعقبه تعويض أخروي يريح المعتقد به، فقد ورد عن التبي محمد (صلى الله عليه وآله): "إنّ في الجنة شجرة يُقال لها شجرة البلوى، يؤتى بأهل البلاء يوم القيامة، فلا يُرفع لهم ديوان، ولا ينصب لهم ميزان، يصبّ عليهم الأجر صباً".

من هنا، عندما يعترضنا أي بلاء، علينا دائماً أن نحمد الله تعالى:

"الحمد لله الذي لا يُحمَد على مكروه سواه".

فالحمد هو ثناء على لوحة الجمال الربانية، وشكر على عطاء الله تعالى بسبب بلائه.
وإننا حينما نستحضر آثار البلاء ونتائجه الإيجابية، سنفهم سر نظرة السيدة زينب (عليها السلام) إلى ملحمة عاشوراء، التي استحضرت فيها أنّ نهضة الحسين (عليها السلام) أبقت الإسلام حياً، وأن هذه النهضة منعت قافلة الإنسانية من الانحراف في مسيرتها، وأن هذه النهضة صنعت عشّاقاً شهداء لا يسبقهم أحد قبلهم ولا يلحق بهم أحد بعدهم.
لذلك قالت السيد زينب (عليها السلام): "ما رأيت إلا جميلاً".


...........................
منقول من كتيبات سلسلة على منبر القائم (عج)

الأنشطة الثقافية
2261قراءة
2016-01-07 15:27:20

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا