12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

المقالات التربوية >> كتاب قصص الأبرار _ الجزء الأول _ للأستاذ الشهيد مرتضى مطهري

Facebook Twitter WhatsApp Pinterest Google+ Addthis

كتاب قصص الأبرار _ الجزء الأول _ للأستاذ الشهيد مرتضى مطهري
قصص الأبرار

الجزء الأول

 

الاستاذ الشهيد
مرتضى مطهري

 

دار الدعاء للوحدة


.................................................. .................................................. .................................................. .......

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله المنتجبين.

كتاب "قصص الابرار" اكثر كتب الاستاذ الشهيد مطهري انتشار, وانتشارها لا يكمن في كونها مجرد قصص للتسلية او لقضاء الوقت, بل في كونها مدرسة يتلقى الطلبة المسلمون فيها كل خير على اليد الأمينة للمعلم الشهيد .

والقصص التي بين يدي القارئ الكريم , لم تكن من نسج الخيال أو ابتكار المؤلف نفسه, وان كان قد غذّى النصوص ونمّاها وطعمها, بل هي مواقف رساليّة وعقائديّة وأخلاقيّة خالدة تمثل الانسانية في أسمى صورها.

واليوم _ ونحن نعيش الثورة الاسلامية المباركة في ايران_ حيث لا شرقية ولا غربية, بل عودة الى نبع الاسلام العذب الصافي الأصيل, تجد الثورة نفسها ازاء مهمّات جسام, تأتي التربية في الصدارة منها. فبعد ان عاث الاستعمار وعملاؤه في النفوس فسادا, وسعى لاحلال الفكر الغربي محل الفكر الاسلامي, وبعد ان نأى المسلمون عن ينابيعهم الثرة التي لا تنضب وشخصيتهم الاسلامية المميزة, وبعد كل ذلك ماذا يتحتم على المعلم المربّي أن يفعل؟

لكل مربّ_ في الحقيقة_ اسلوبه الخاص في التربية, ولقد اختار معلمنا الشهيد _ في مؤلفه هذا اسلوب القصة لما للقصة من وقع كبير في النفس الانسانية, وشخصياته المرموقة في ذاكرته انطباعا, فيهتدي بها, سيما ان له في سيرة أئمته الأطهار وصحبهم الأبرار, أسوة حسنة.

ومن جهة اخرى, فان " قصص الابرار" متعددة الدروس, ومتنوعة المضامين, الا أنّها تلقي برمتها عند هدف, وهو خلق الشخصيّة الاسلامية الملتزمة, الّتي تلتمس منارات الهدى والصّلاح في طريقها الشّائك الطويل, ولا بد لها تبعا لذلك من ان تتزود بخير الزاد وهو التقوى, وعليه فان القارئ المسلم سيجد في القصص التي بين يديه ثمار الحكمة والموعظة الحسنة, كما يجد فيها مكارم الأخلاق, والترفع عن الصغائر والعفو عم المسيء,وكظم الغيظ, والتواضع, ومقابلة الاساءة بالاحسان, ويجد فيها ويجد. فانت ازاء العطاء الاسلامي للانسانية المتعطشة للنبل والخير والحق والفضيلة.

وفضلا عن هذه القصص فانّ للباحث الشهيد كتابات فلسفية, وأخرى اجتماعية, وثالثة أخلاقية, ورابعة فقهيّة, وخامسة تأريخية, تصبّ كلّها في مجرى واحد وهو, عرض الاسلام في انقى صورة وأسماه.

بقي أن نذكر أنّ "قصص الأبرار" تقع في جزءين, يضمّ الجزء الأول (75) قصة ويحتوي الثّاني على(50) قصة أخرى, والذي يقرأ هذا الأثر الخالد للمعلم الشهيد مرتضى مطهري, يعرف السّر في ذيوع صيته لدى قراء الشهيد ومريديه.

والله نسأل أن يوفقنا للسير على خطى الشّهيد, وأن نقتدي بالأبرار في قصصهم, انه نعم الموفق.

واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

 

 

 

النبي وفريقان من أصحابه *

دخل النبي(ص) ذات يوم مسجد المدينة فشاهد جماعتين من الناس, كانت

الجماعة الأولى منشغلة بالعبادة والذكر, والأخرى بالتعليم والتعلّم.

فألقى عليهما نظرة فرح واستبشار وقال للذين برفقته مشيرا الى الفئة الثّانية:

" ما أحسن ما يقوم به هؤلاء! "

ثمّ أضاف قائلا:

" انما بعثت للتعليم! "

ثم ذهب وجلس مع الجماعة الثّانية.

 
*منية المريد ص 10

 

 


الرجل الّذي طلب المساعدة

 
بينما كان يستعرض صور ماضيه المليئ بالمشقة و يتذكر الايام المرة التي خلفها وراءه,

كالايام التي لم يكن قادرا فيها على الحصول على القوت اليومي لزوجته واطفاله المساكين. بينما كان كذلك واذا بحديث سمعه

من قبل يطرق سمعه ثلاث مرات مما بعث فيه العزم وغيّر مسيرة حياته وأنقذه مع عائلته من أسر الفقر والنكبة.

فبعد أن رأت زوجته ان الفقر المدقع قد بلغ أوجه, اشارت عليه بأن يذهب الى النبي(ص) ويعلمه بحالته المتدهورة تلك

ويطلب منه العون والمساعدة.

فمضى من ساعته الى النبي (ص) ليخبره بما اقترحت عليه زوجته,وقبل ان يتفوه بحاجته, سمع من النبي (ص):

"من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله".

فلم يقل شيئا وعاد الى بيته بخفّي حنين. ومن شدة وطأة الفقر اضطر الى ان يذهب الى النّبي (ص) في اليوم التالي

لطلب المساعدة, واذا بالحديث نفسه يطرق سمعه للمرة الثّانية

" من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله".

وعاد كما في المرة الاولى الى بيته من دون أن يظهر حاجته الا انه وجد نفسه في قبضة الفقر لا مناص منها, فنهض

قاصدا النّبي(ص) للمرة الثالثة. وما ان سمع حديث الرسول (ص) حتى غمرالاطمئنان قلبه لانه احس بان مفتاح مشكلته بيده

فخرج وهو يسير بخطوات واثقة مرددا في نفسه: لن اطلب معونة العبيد أبدا, ساعتمد على الله واتوكل عليه فهو حسبي,

وسأستعين بما وهبني عز وجل من قوة, وما التوفيق الا من عند الله.

وبينما هو في غمرة الأفكار استوقفه سؤال: ترى ما العمل الذي بمقدوري أن اعمله؟

وفجأة خطر له ان يذهب الى الصحراء ويتحطّب, فاستعار معولا وشقّ طريقه نحو الصحراء, جمع مقدارا من

الحطب,جاء به الى المدينة, باعه, فذاق لذّة تعبه وحلاوة كدحه. ولم يزل هذا ديدنه حتى استطاع ان يشتري له ناقة وغلامين

وكل ما يحتاجه من لوازم لعمله, واذا به يصبح ذا ثراء وغلمان. وذات يوم التقى النبي(ص) فأخبره خبره وكيف انه جاءه

لطلب المساعدة فابتسم النبي(ص) وقال: اتذكر انني قلت حينها

"من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله". *


* اصول الكافي ج 2 ص139

 

 

 

طلب الدّعاء

 

دخل على الامام الصادق (ع) رجل في حالة يرثى لها من الاضطراب و القلق والانفعال, وقال له :

" يا مولاي, أدع لي الله ان يرزقني, لانني كما تراني فقير لا أملك قوت يومي" .

فقال له الامام (ع): " لن أدعو لك !"

فتعجب السائل قائلا: " ولم لا تدعو لي يا مولاي؟ "

فردّ الامام قائلا: " انّ الله تبارك وتعالى أمرنا بالسعي في طلب الرزق وعدم التواكل, أما

اذا أردت أن تجلس في بيتك وتتوسل الى رزقك بالدعاء فهذا ما لا يرضاه الله فاسع الى طلب الرزق

كما أمرك الله ! " *

* الوسائل ج 2 ص 529

 

 

 
عقل النّاقة


ظهرت آثار التعب والانهاك على قافلة الرسول (ص), بعد ان قطعت في المسير شوطا طويلا. ولمّا

وجدت الماء الذي كانت تفتش عنه لتنزل بالقرب منه, ألقت عصا الترحال ونزل الصّحابة ثمّ اناخوا مراكبهم المجهدة, كما

نزل النبي (ص) مع أصحابه, ثم اتجهوا نحو الماء يريدون الصلاة. الّا انّ النبي(ص) سرعان ما قفل راجعا الى ناقته مما

أثار عجب الصحابة, فظنّوا انه لم يرتض هذا المكان منزلا ويريد ان يأمرهم بالسير فقالوا له: الى اين تريد يا رسول الله؟

فقال: " أعقل ناقتي "

" نحن نعقلها يا رسول الله ."

 

فقال (ص) : " لا يستعن احدكم بغيره ولو بقضمة من سواك " *

 

 

 


صديق في طريق الحج

 

عندما عاد من الحج أخذ يقصّ على الامام الصّادق(ع) ما حدث له في سفره مع رفاقه

اللذين كانوا معه, فكان يثني على احدهم خاصة لانه كان رجلا زاهدا عابدا تقيا, ثمّ علّق قائلا:" لقد كنّا نفخر بصحبته يا

مولاي فلقد كان مشغولا بالطاعة والعبادة على الدوام, وكنّا ما ان ننزل بمكان حتّى ينتحي ناحية يشتغل بالطاعة والعبادة

فيها ".

وهنا سأله الامام الصّادق(ع):" من ذا الذي كان ينجز أعماله اذا؟ ".


" نحن الذين كنا نقوم بذلك لانشغاله بالعبادة التي لم يكن له شان سواها ".


فقال له الامام: " فلتعلموا اذا انكم كلكم أفضل منه! "

 

 

 

 

على مائدة الطّعام


ما ان ترجّل النّبيّ (ص) واصحابه وخففوا عن مراكبهم احمالها حتّى استقرّ رأيهم على أن يذبحوا شاة ويعدّوها غداء لهم.

فقال أحدهم : " عليّ ذبحها ".

وقال الثّاني : " عليّ سلخها ".

وقال الثّالث : " عليّ طبخها ".

وقال الرّابع : " .................. "

ثمّ قال النّبيّ (ص) : " أمّا أنا فعليّ جمع الحطب ".

فقال الصّحابة : "نحن نكفيك يا رسول الله ".

فقال (ص) : " أعلم ذلك, الا أنني اكره أن أتميّز عليكم فان الله يكره من عبده أن يراه متميّزا بين أصحابه ".*

وجمع مقدارا من الحطب وأتى به.
*كحل البصر ص68

 

 

 

القافلة الّتي تريد الحج *

 

قافلة من المسلمين كانت تقصد مكة المكرّمة, وما ان وصلت الى المدينة حتى

القت عصا الترحال والقت بثوب النعب عنها, ثمّ واصلت السّيّر _ بعد أيّام _ شطر المدينة المنوّرة.

وفي الطّريق بين مكة والمدينة, وفي احد المنازل, صادف رجال القافلة شخصا كان يعرفهم. وفي أثناء الكلام معه جلب

انتباهه شخص كان مشغولا بخدمة القافلة وادارة شؤونها, وكانت آثار الصلاح والصالحين بادية عليه, فعرفه للوهلة

الأولى وسأل الرجال بتعجّب!

أتعرفون من هذا الرّجل المشغول بخدمتكم وانجاز أعمالكم؟

_ لا,لا نعرفه, انّه التحق بقافلتنا في المدينة, رجل زاهد, صالح, ذوو تقوى, يرغب ان يشترك في انجاز اعمال

الآخرين ومساعدتهم دون ان نطلب منه مساعدة او انجاز عمل.

_ نعم, انكم لا تعرفونه, فلو عرفتموه لم تكلوا اليه اعمالكم.

فقالوا مستغربين: من هو؟

_انّه عليّ بن الحسين عليه السّلام _ زين العابدين

فنهض رجال القافلة, وتقدّموا صوب الامام(ع) معتذرين نادمين.

فقال(ع) : انما رغبت بكم رفقاء للسفر لانكم لا تعرفونني, ولانني عندما اسافر مع الذين يعرفونني لا يدعوني

اعمل شيئا, ولهذا فانني راغب ان اسافر مع الذين لا يعرفونني

كي احظى بخدمتهم.


* بحار الأنوار ج11 ص21

 

 

 

 

 


 حسن الصحبة

المسلم والذميّ

 

كانت الكوفة فيما مضى محطّ انظار الدولة الاسلاميّة, وكانت انظار المسلمين عامة,

ما عدا الشام, متوجهةاليها تنتظر ما يصدر فيها من امر وتترقب ما يتخذ فيها من قرار.

ومن محاسن المصادفات ان التقى خارجها, ذات يوم من الأيّام, مسلم وذميّ فسأل

أحدهما الآخر عن الجهة التي يطلبها.

فقال المسلم:انا أريد الكوفة.

وقال الذميّ: أما انا فأريد مكانا قريبا منها.

ثمّ اتفقا أن يسيرا معا ويقطعا طريقهما بالتحدث الى بعضهما. ولانسجامهما في الحديث

لم يشعرا بمضيّ الوقت ولا طول الطريق.الى أن وصلا الى مفترق الطرق, فتعجّب

الذميّ لما رأى ان رفيقه المسلم يترك طريق الكوفة ويواصل السير معه.

اذ ذاك سأله: ألست تزعم انك تريد الكوفة؟

_ بلى

_ فلم عدلت اذا؟ هذا ليس طريق الكوفة.

_ اعلم ذلك, فمن حسن الصحبة عندنا ان يشيع الرجل صاحبه هنيهة اذا ما فارقه,

وبهذا امرنا نبيّنا محمد (ص).

فقال الذّمي: لاغرو ان يتبعه من تبعه لاخلاقه الحميدة وافعاله الكريمة, وها انا أشهدك

على دينكم *. ورجع معه

فلما عرف انّه أمير المؤمنين (ع), أسلم.


* أصول الكافي, ج2 "باب حسن الصحبة وحق المصاحبة في السّفر " ص67.

تبصرة: الذميّ هو اليهودي أو المسيحي الذي يعيش في الدولة الاسلامية

 

 

 

 

 

العفو والصّفح

الامام الباقر(ع) والنّصراني


أراد رجل نصرانيّ أن يستهزء بالامام محمّد بن عليّ الحسين (ع) الملقّب (الباقر),

فقال له: أنت بقر.

وبكلّ سماحته ولطفه أجابه الباقر (ع): لا أنا الباقر.

فمضى النّصراني يمعن باستخفافه بالامام فقال: أنت ابن الطّبّاخة تلك هي حرفتها! أنت ابن السّوداء الزّنجيّة البذيئة.

فأجابه الامام: ان كنت صدقت غفر الله لها وان كنت كذبت غفر الله لك.

ان صفح الامام(ع) وحلمه في الوقت الّذي كان فيه قادرا على أن يردّ الصّاع صاعين أوجد في نفس النّصرانيّ

وروحيّته انقلابا أدّى بالنتيجة الى اسلامه.

 

عذرا على هذه القصة المؤلمة

 

 

 

 

 

في ركاب الخليفة

 

عند مسيره الجهادي الى الشام, مرّ الامام عليّ (ع) بمدينة الانبار التي كان يقطنها الفرس,

فخرج لاستقباله دهاقينها وفلاحوها وترجّلوا والتفّوا حوله مزدحمين لشدّة استبشارهم بقدومه.

فقال (ع) :" ما هذا الّذي صنعتموه؟ "

قالوا:" خلق منا نعظّم به امراءنا "

فقال(ع):" والله ما ينتفع بهذا امراؤكم وانّكم لتشقّون على انفسكم في دنياكم, وتشقّون به في

اخرتكم وما أخسر المشقّة وراءها العقاب, وأربح الدّعة معها الأمان من النّار." *

* نهج البلاغة _ الكلمات القصار _37

 

 

 

 

 

 

النّبيّ والاعرابي

 

قدم المدينة اعرابي من البادية وذهب الى المسجد كي يظفر بمال من النّبي (ص) فرأى النبي (ص)

جالسا بين جماعة من جماعته وأصحابه. فدنا الاعرابي وأظهر حاجته طالبا من النبي (ص) ان يساعده.

فاعطاه النّبيّ (ص) شيئا, الّا أنّ الاعرابي لم يقتنع وعدّ ما اعطي قليلا وتفوّه على النّبيّ (ص)

بالخشن والبذيء من الكلام مما أثار نار الغضب لدى اصحابه, فقاموا للاعرابي يطرحونه أرضا فجال

النّبيّ (ص) بينهم وبينه, ثمّ خرج مصطحبا الاعرابي الى بيته فزاده شيئا..

ولمّا تبيّن للاعرابي ان حال النبي (ص) لا يشبه حال الملوك والامراء, أظهر الرضا والامتنان قائلا:

جزاك الله من أهل وعشيرة خيرا.

فقال النّبيّ (ص): " انك قلت ما قلت وفي نفس اصحابي من ذلك شيء وأنا أخشى ان يصيبك منهم اذى,

فان احببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب ما في صدورهم عليك " . فاستجاب الاعرابي

لذلك, فلما كان الغد اخذ الاعرابي طريقه الى المسجد فوجد النبي (ص) واصحابه جالسين, فالتفت

النبي (ص) الى أصحابه وقال: " ان هذا الاعرابي قال ما قال فزدناه فزعم انه رضي ".

ثم سأل الاعرابي : " أليس كذلك؟ " فقال الاعرابي : "نعم"

وكرر ما قاله بين يدي رسول الله (ص) : " جزاك الله من أهل وعشيرة خيرا ".


وهنا التفت النبي (ص) الى أصحابه قائلا :

" مثلي ومثل هذا مثل الرجل له ناقة شردت منه فأتبعها الناس فلم يزيدوها الا نفورا..

فناداهم صاحبها :

خلّوا بيني وبين ناقتي فأنا أرفق منكم بها وأعلم..

فتوجه لها بين يديها فاخذها من قمام الارض فردّها

حتى جاءت واستناخت وشدّ عليها رحلها ثمّ استوى عليها.

واني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النّار". *

 

*كحل البصر ص 70

 

 

 

 

 

 


المسيحي ودرع الامام علي عليه السّلام

 

كان الامام عليّ (ع) يأبى الترفع عن رعاياه في المخاصمة والمقاضاة, بل وكان يسعى الى المقاضاة

اذا استوجب الامر ذلك لما أشيع فيه من روح القسط والعدالة.


من ذلك أنّه وجد درعه عند عربي مسيحي من عامة النّاس, فأقبل به الى أحد القضاة,

اسمه " شريح " ليخاصمه ويقاضيه.


ولمّا مثلا امام القاضي قال الامام عليّ (ع) :" انها درعي ولم ابع ولم أهب "


فسأل القاضي الرجل المسيحي :"ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟ "


فقال النصراني : " ما الدرع الا درعي وما أمير المؤمنين عندي الا بكاذب ".


وهنا التفت القاضي شريح الى علي يسأله : " هل من بيّنة تشهد على ان هذه الدرع لك؟ "


فضحك عليّ (ع) وقال :


" أصاب شريح, مالي بيّنة "


فقضى شريح بالدرع للرجل المسيحي, فأخذها ومشى, وأمير المؤمنين ينظر اليه.

الا ان الرجل لم يخط خطوات قلائل حتى عاد يقول :


" أما أنا فأشهد أنّ هذه أخلاق الأنبياء. أمير المؤمنين يدينني الى قاضى يقضي عليه !"


ثمّ أردف قائلا :


" الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين وقد كنت كاذبا فيما ادعيت " .


وبعد مرور مدة على ما حدث, شهد الناس هذا الرجل وهو من أصدق الجنود وأشد الابطال بأسا

وبلاء مع الامام عليّ (ع) في قتاله ضد الخوارج يوم النهروان.

 

 

 

 

 


الامام الحسين والرجل الشامي*


دخل عصام بن المصطلق المدينة لشأن كان يطلبه, فرأى الحسين بن علي (ع) فأعجب لما رآه

فيه من هيبة ووقار فثار في نفسه ما كان يخفيه من حسد لعلي(ع). فقال مخاطبا الامام الحسين(ع):

" أنت ابن ابي تراب؟ "

_ نعم.

فبالغ ابن المصطلق في شتمه وشتم أبيه.

فنظر اليه الحسين (ع) نظرة عاطف رؤوف ثم قال:

أعوذ بالله من الشّيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم:

خذ العفو وامر بالمعروف واعرض عن الجاهلين, واما ينزغنكم من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه سميع عليم.

ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون واخوانهم يمدونهم في الغي ثم

لا يقصرون.

ثم اردف الامام قائلا:

هوّن عليك, استغفر الله لي ولك, انك لو استعنتنا لاعنّاك ولو استرفدتنا لأرفدناك ولو استرشدتنا لأرشدناك

ثم سأله:أمن اهل الشام أنت؟

_نعم.

فقال الامام(ع): " انت رجل غريب , ابسط لنا حاجتك وما يعرض لك تجدني عند أفضل ظنّك ان شاء الله ".

فضاقت الارض على عصام بما رحبت وودّ لو ساخت به ثم انصرف عن الامام وما على الأرض احبّ اليه

من الحسين ومن ابيه (ع).

 


* فتنة المصدور ص 4

 

 

 

 


الرّجل الّذي طلب النصيحة

 


(لا تغضب)

 

 

 



برامج
7723قراءة
2015-11-16 21:52:57

تعليقات الزوار


Roba mortada

تنويه